في أحد أركان المدينة الصاخبة، كانت هناك قطة ضالة سوداء نقية. ذات يوم، وبينما كانت الشمس تلقي أشعتها على محطة الحافلات، رأيتها بالصدفة. كانت متكورة بمفردها في إحدى الزوايا، وكانت عيناها تعكسان شوقًا للحياة. وقررت، بدافع من التعاطف، أن أبدأ في إطعامها أثناء تنقلاتي. وضعتها بجوار المحطة، وكل يوم عندما اقتربت من المحطة بحافلتي، كانت تراقبني من مسافة بعيدة، وكأنها تنتظر صديقتها.
كان مسار الحافلات هذا مزدحمًا وطويلًا، حيث كانت هناك أربع عشرة حافلة تجوب كل ركن من أركان المدينة. ومع ذلك، لم تتعرف هذه القطة الصغيرة إلا على حافلتي. وكلما كانت حافلتي تقترب ببطء من المحطة، كانت تقفز على متنها برشاقة، وتتعامل مع الحافلة وكأنها منزلها المتنقل. كانت علاقتنا تزداد قوة كل يوم، وخلال تلك الفترة، أصبحت هذه العلاقة هي الجزء الأكثر إشراقًا في عملي.
يوما بعد يوم، كنت أطعمه على جانب الطريق لمدة نصف عام. تدريجيا، أصبح أقوى وعيناه تتألقان بالحيوية. في أحد الأيام، قررت أخيرا أن أحضره إلى المنزل وأعطيه منزلا حقيقيا. تحت رعايتي، عاش حياة سعيدة، يتمتع بالدفء والحنان كل يوم.
ولكنني أتساءل في كثير من الأحيان عما إذا كان لا يزال يتذكر تلك الأيام من التجوال. هل يتذكر الحافلة التي كانت ترافقه يوميًا؟ ربما أصبحت تلك التجربة في قلبه ذكرى ثمينة. ففي نهاية المطاف، في عالم القطط، تعتبر مثل هذه الرحلة الفريدة نادرة حقًا.
لقد أصبحت هذه القطة الآن قطة لها قصة. لقد أذهلني مرونتها وحكمتها، وأصبح الوقت الذي أمضيته معها أجمل ذكرى في قلبي.