في الشهر الطويل الذي انقضى منذ رحيل يويو، كان قلبي يلفه ضباب كثيف، مما جعل من الصعب العثور على أي ضوء. أخيرًا، في ليلة مليئة بالحنين، استجمعت شجاعتي لفتح تلك التسجيلات المتربة ببطء. كانت مثل مفاتيح الزمن، تفتح برفق باب ذكرياتي.
كان المقطع من ليلة هادئة قبل شهرين من وفاة يويو. في ذلك الوقت، كانت لا تزال نشيطة للغاية، لكن كان هناك لطف لا يوصف في سلوكها. في الفيديو، قفزت يويو فجأة برشاقة على طاولة السرير. هبط جسدها الصغير الناعم بصمت تقريبًا. ثم، بأنفها الدافئ الرطب، لمست خدي بلطف، مثل قبلة الصباح الأكثر نعومة.
فتحت عينيّ ورأيت عيني يويو تحدق فيّ، عينان بدت وكأنها تفهم كل شيء. كانتا عميقتين ومشرقتين، رغم أنهما الآن محجوبتان بطبقة رقيقة من الضباب. في تلك العيون، رأيت الامتنان، والتردد، والحب اللامتناهي لي. في ذلك الوقت، اعتقدت أن الأمر كان مجرد عاطفة من يويو، لكن في تلك اللحظة، شعرت أنني أستطيع سماع كلماتها الصامتة، تخترق قلبي وتلمس أعمق أعماق روحي.
بدأت الدموع تنهمر دون سابق إنذار، ولم أستطع أن أكبح جماح الحزن والشوق في قلبي. واتضح أنه حتى في تلك الليلة الدافئة، كانت يويو قد ودعت صديقتي بصمت بطريقتها الفريدة. كانت نظراتها وأفعالها مليئة بمشاعر عميقة، ولم أستطع أن أدرك عمق مشاعرها.
كثيراً ما ألتقي بها في أحلامي، حيث تكون الأحلام واضحة للغاية حتى أنني أشعر وكأنها لم تغادرني قط. في هذه الأحلام، لا تزال يويو حية ورائعة كما كانت دائمًا. ربما تكون تستمتع بأشعة الشمس على حافة النافذة أو تتدحرج بسعادة عند قدمي. في كل مرة تنظر إلي، تتألق عيناها مثل النجوم، مليئة بالدفء والاعتماد اللامتناهي. ومع ذلك، عندما أستيقظ، يجعلني الهواء البارد والظلام من حولي أشعر بالخسارة والفراغ مثل موجة المد، تكاد تخنقني.
في كل لحظة من لحظات حياتي اليومية، يتجلى حضور يويو في كل مكان. ففي كل مرة أسير فيها على طول المسارات التي اعتدنا أن نسير فيها، وأرى الزهور والنباتات المألوفة، تتدفق موجة من الحزن الذي لا يوصف في قلبي. وأكاد أشعر بخطواتها الخفيفة حول قدمي، وأراها تنظر إليّ من حين لآخر بعيون منتظرة. وتتكرر هذه الصور في ذهني مثل فيلم سينمائي، فتأسرني في شوقي إليها.
لقد علمتني يويو، بحياتها القصيرة ولكن الرائعة، كيف أحب وأعتز بكل لحظة قضيناها معًا. سأحتفظ بهذه الذكرى في قلبي إلى الأبد، وأجعلها القوة الأكثر دفئًا التي تدفعني إلى الأمام.