في نهر ذكريات آريا، هناك سلحفاة رافقتها لمدة ثلاثة عشر ربيعًا. لم تكن عضوًا قديمًا في الأسرة فحسب، بل كانت أيضًا مصدرًا لا يمكن تعويضه للهدوء في قلبها. كانت لهذه السلحفاة عاداتها العنيدة، ولم تعبر أبدًا عتبة غرفة نوم آريا، وكأنها تحافظ على التوازن الدقيق والاحترام.
ولكن القدر يحب أن يصنع المعجزات على نحو غير متوقع. ففي إحدى الليالي المتأخرة، وبينما كان ضوء القمر يملأ الغرفة برفق، شعرت آريا بالدهشة عندما وجدت السلحفاة التي تتصرف عادة بشكل جيد مستلقية بهدوء بجوار سريرها، بالقرب من حافة السرير، وكأنها تبحث عن آخر ذرة من الدفء والرفقة. وقد تدفق هذا المشهد، مثل تيار دافئ، على الفور إلى قلب آريا، فملأها بإحساس غير مسبوق بالصدمة والعاطفة.
في الأيام التي تلت ذلك، أصبحت السلحفاة رفيقة الليل الأكثر ولاءً لأريا. كانت صامتة، ولكن بحضورها، عبرت عن تعلقها العميق وإحجامها عن الانفصال عن آريا. شعرت آريا بالقوة في كل نفس تتنفسه السلحفاة، وهي شهادة على مرونتها ورغبتها في اللحظات الجميلة التي تقاسماها.
ولكن اللحظات الجميلة غالباً ما تكون عابرة. ففي أحد الصباحات المبكرة، وبينما كان ضوء الفجر ينير الغرفة برفق، فتحت آريا عينيها ببطء وسقطت نظراتها غريزياً على الشكل المألوف وغير المألوف بجانب سريرها. كانت السلحفاة مستلقية في هدوء، بعد أن فقد جسدها حيويته ودفئه السابقين. وكانت عيناها، المليئتان بالحكمة ذات يوم، مغلقتين بإحكام الآن، وكأنها في نوم أبدي.
أدركت آريا أن سلوك السلحفاة غير المعتاد المتمثل في البقاء في غرفتها، بالقرب من سريرها، كان طريقتها الفريدة في توديعها أخيرًا. فاضت موجة من الحزن الذي لا يمكن وصفه في قلبها. مدت يدها برفق، وكانت يدها ترتجف وهي تلمس صدفة السلحفاة الباردة الآن. لا تزال الصدفة تحمل علامات الزمن، حيث يسجل كل أخدود الأيام والليالي التي قضوها معًا. بينما كانت أصابع آريا تتحرك ببطء فوق الصدفة، شعرت وكأنها تجري محادثة أخيرة مع السلحفاة، محاولة التقاط صدى خافت للحياة من الصمت.
أصبح كل شيء حولها هادئًا بشكل غير عادي. بدا أن غناء الطيور العرضي من الخارج يعزف لحنًا حزينًا لهذا الوداع. امتلأت عينا آريا بالدموع تدريجيًا. أدركت أن هذه اللحظة تمثل نهاية رحلتها مع السلحفاة معًا.
حملت آريا السلحفاة برفق، واحتضنتها وكأنها تحمل مشاعر ثقيلة. ثم توجهت إلى النافذة، وتركت ضوء الشمس الدافئ يغمر جسد السلحفاة، على أمل أن يرافقها هذا الدفء في رحلتها الأخيرة. لقد أدركت أن السلحفاة، على الرغم من أنها غادرت هذا العالم، إلا أنها تركتها بحب وذكريات أبدية، إلى جانب فهم عميق للحياة والحب والوداع.
في الأيام القادمة، كلما تذكرت آريا هذا الوقت، سيمتلئ قلبها بتيار دافئ. إنها أغلى هدية قدمتها لها السلحفاة.