كانت هذه هي المرة الأولى التي أدركت فيها حقيقة الموت الوشيكة والقاسية. وللمرة الأولى، اكتشفت فجأة أن تلك الوجودات التي تبدو غير قابلة للتدمير والتي نعتبرها أمرًا مسلمًا به سوف تتلاشى في النهاية.
خلال تلك الفترة، كانت حياتي مصحوبة بتقلبات مختلفة: التخرج، والرسوب في امتحان القبول للدراسات العليا، ومشاكل عائلية، والانفصال. وقد خففت هذه التغيرات من تأثير وفاة سلحفاتي. ومع ذلك، في أعماقي، ظل ألم الخسارة حاضرًا على الدوام.
كنت قريبًا جدًا من أجدادي وكنت أقضي فترات طويلة من إجازاتي الصيفية معهم، وأخلق ذكريات جميلة لا حصر لها تتعلق بالسلحفاة. ومن المؤسف أنني لا أملك صورة واحدة للسلحفاة. ربما كان وجود السلحفاة عاديًا للغاية، أو متأصلًا في حياتنا اليومية، فلم يخطر ببالي قط أن ألتقط صورة لها. كان وجودها طبيعيًا للغاية، وكأنها ستظل موجودة إلى الأبد.
في بعض الأحيان، كنت أتذكر أداء جدي الحي لكيفية هروبه من عضة السلحفاة، وهو روتين كان يجعلني أضحك من كل قلبي. ومع مرور السنين، تقدم جدي في السن وتباطأت خطواته، فذكرني بخطى السلحفاة. وفي وقت لاحق، أصبح أكثر صمتًا، وغالبًا ما كان يجلس بجوار حوض السلحفاة، يحدق فيه في صمت لفترات طويلة.
لقد ترك رحيل السلحفاة ألماً مستمراً. تماماً كما حدث بعد وفاة جدي، ففي لحظة غير متوقعة، عندما أواجه مشهداً مشابهاً، أو أرى شيئاً مشابهاً، أو ببساطة أثناء فترة ما بعد الظهيرة العادية عندما تتدفق الذكريات، كان قلبي يتأثر بشدة.
لقد علمتني هذه الخسائر أن أقدر كل وجود في الحياة. فالأشياء التي تبدو أبدية قد تختفي فجأة. ولعل ما يمكننا فعله هو تقديرها وتسجيلها بينما لا تزال معنا، والاستمتاع بكل لحظة نشاركها معهم. وبهذه الطريقة، عندما لا يكونون موجودين، لا يزال بوسعنا أن نشعر بدفء وجودهم من خلال ذكرياتنا.